رسالة طفل يتيم لأمه في عيـدها

ليلة عيد الأم
الكل يحتفل ويقدم هديته
فاسترجعت ذاكرتى وأمسكت بقلمى
وتناولت ورقتى وكتبت
رسالة من طفل إلى أمه
أمي
أقف أمام صندوق محمول على الأكتاف
ويمضى به وتمضى معه كل آمالى
لو أمكننى أن أبقيه لفعلت
فهو يحوى داخله إنسانه أحببتها وأحبتنى
به كل ذكرياتى والباقى من سنوات عمرى
أنه يحمل أمى
فكيف أعيش دونها
آه الموكب يغادر
رحماك ربي الموكب يغادر ويغادر
أمي
الموكب يغادر ولا أستطيع أن ألحق به
سيعود الصندوق ياأماه ولكنكِ لن تعودى
أرى الموكب يبتعد
ويبتعد معه حلمى الذى أسمعه يصرخ مستغيثا
يود أن يقفز ويأتى إلى أو أذهب أنا إليه
وبدأ الموكب يغيب وغابت معه نبضات قلبى
وجفت دموع عينى
أمي
من اليوم سأكون وحيدا ً يا أماه
ها هى أعواما طويلة مضت على يوم رحيلك
ولا أزال أذكر ذلك اليوم
ذلك اليوم الذى رأيتهم يضعونكِ
داخل صندوق ثم مضوا بكِ
وأقبل الناس يعزون
وأرتسمت سيما الحزن على وجوههم وأكتأبوا لمصيبتنا
لكنهم ياأماه بعد ساعات أنفضوا عنا
كل إلى شأنه
حتى الأقارب بكوا وتباكوا
ووقفت ألسنتهم عن عبارات الحزن
وعادوا إلى مشاغلهم
لقد أصبحتِ مجرد ذكرى ياأماه
لكنى لم أنساك يوما
ثيابك يا أمى التى كنت تلبسينها
ومقتنياتك لم أعد أراها أو أعلم عنها شيئا
كنت أسألهم عنكِ فيقولون لى سافرت
وعند رجوعكِ ستحضر لك ألعابا كثيرة
ولقد تركت لك هدية جميلة هى أختك الصغيرة
لم يكن يعلموا ياأمى أننى أفهم أنك رحلتى
أمي
كم مشتاق لكِ
كم بحاجة لأن أرمى بنفسى بين أحضانكِ
نعم حولى بعض من حاولوا أن يعوضنى عنكِ
لكن لن يستطيع أحد أن يعوضنى عنكِ
أمي
اليوم عيدك
اليوم عيدك وعيد كل الأمهات
الكل يقدم هداياه
وأنا لا أجد ما أقدمه لكِ
لا أجد ياأمي أقدمه لكِ أجمل وأعظم من سورة يس
وكم مثلى الكثير يفعلون ذلك
أعلمى أننى لن أنساكِ يوما
وأكبر دليل على ذلك ما أهبه لك من ثواب
فى كل خاتمة لكتاب الله عز وجل
أمي
لا أعلم إن كنت أحادث وهما جسدته فى خيالى
أم هل أحادث حقيقة ترانى
حقيقة ترانى ولا أراها
تدركنى ولا أدركها
لعل الأموات ينطقون فى أنحاء الكون
أكثر مما ننطق نحن
نحن الذين أثقلتنا هياكل أجسادنا
ولعل من نسميهم أموات
يرون أجسامنا مقابر جسمانية حابسة لروحنا داخلها
فيدعون لها بانبعاث قريب إلى عالمهم
عالم الأحياء فى نظرهم
كان الموت فى عينى شبحا رهيبا
لكنه اليوم شئ جميل
كان صحراء قاحلة لكنه اليوم بستان رائع
هذا هو حالى بعدكِ يا أمى
أوقن الآن أنك من الغدر والأنانية فررتِ
وما أكثرهم اليوم يا أمى
أمي

يقولون العيد آت
أين القلب السعيد
أين ثوبى الجديد
فأنا بعدك غريب
أمي

ألا تسمعين شكوتى
أين أنت
هلا قلت لى دعدعا
هلا مشينا فى الطريق معا
أمي

اليوم هو عيدك
وأنا هنا وحدي بغرفتي
أضاءت لك الأنوار
رسمتُ لك شمس لا تعرف المغيب
وقمرا لجين عجيب
رصعت جدران غرفتي
بكل محبتي لك
بأيام عمري بكل شبابي
بأزهار الجلنار عطرت أجوائها لك
بالمسك
بالعود
بالزعفران
وحقول الياسمين والبنفسج والنوار
وأتيت علي التبر والرمال
أكتب لك رسالة العيد
لكني عدت يا أمي من جديد
إلي عالم به غريب
أمي

وفى النهاية لا أجد ما أقوله سوى رحمك الله
فأقبلى رسالتى التى كتبتها بطريقتى فى عالمى
وأستلميها بطريقتك فى عالمكِ
وفى يوم ما سنلتقى
يوما ما سنلتقى
وأدخل إليك من الباب الذى سبقتينى إليه
أمي
كل عام وأنت بخير

لا اقول سوى انك ابدعت ابداعا عجز عن وصفه لساني

اللهم احفظ امهاتنا ووالدينا اجمعين

Cool

» بالفيديو : رسالة صوتية من سعاد حسني تفضح قاتلها